في يوم الإبادة الجماعية 24 نيسان 1915- 2023

كامل زومايا

تمر اليوم 24 نيسان 2023 الذكرى الثامنة بعد المائة ( 24 نيسان 1915)  لأبشع جرائم العصر الحديث الذي راح ضحيتها أكثر من مليون ونصف من الأرمن والكلدان السريان الاشوريين والايزيديين واليونانيين الذين كانوا يعيشون في الدولة العثمانية انذاك.

لم تكن تلك الإبادة الجماعية الجريمة أن تمر بهذا الصمت المطبق والنسيان لولا المصالح الدولية التي ساعدت الدولة العثمانية على فعل تلك الجريمة من جهة ومن جهة اخرى مازال شعبنا لا يجيد فن ادارة مطالبه وحقه في الحياة. 

ان الدول التي ساعدت الدولة العثمانية لإبادة شعبنا كانت منقسمة في بينها بسبب المصالح الاقتصادية والسياسية  في توزيع تركة ممتلكات الدولة العثمانية الا انها كانت جميعا وبشكل مباشر وغير مباشر متفقة ان تغض النظر عن حقوق الاقليات وحق الشعوب في الحياة الآمنة ومنها شعبنا الكلداني السرياني الآشوري وهذه الدول التي اتخذت من شعبنا مطية لاجندتها وامتدادها وتغلل نفوذها بالمنطقة هي كما يلي :-

1- المانيا

المانيا ساعدت الدولة العثمانية على تنفيذ جريمتها لانها كانت متحالفة معها ، وكانت المانيا  ترى بأن مطالبة الارمن والكلدان السريان الاشوريين في حقوقهم يصب في صالح روسيا وبريطانيا وفرنسا ولم تكن مهتمة ابدا بحق الشعوب في تقرير مصيرها.

2- روسيا القيصرية

روسيا القيصرية استغلت محنة شعبنا الأعزل وأغرقته بالوعود في الدعم السياسي واللوجستي في تحقيق مطالب شعبنا بالوقت الذي كانت تقمع  المطالب الشعبية للشعب الروسي بالحديد والنار ، ولم تكن روسيا معنية في دعم شعبنا الكلداني السرياني الآشوري حبا به لكونه مسيحي بالقدر الذي استغلته كأداة لتنفيذ اجندتها الاستعمارية، علما انها في منتصف القرن الثامن عشر منعت لجوء ابناء شعبنا الى الاراضي الروسية الهاربين من عمليات القتل والبطش على ايدي القوات العثمانية والكوردية الا بعد اعتناقهم المذهب الارثوذكسي.

3- بريطانيا وفرنسا

 بالرغم من الوعود والتحالفات مع اقليات المنطقة بحق تقرير المصير بعد الانتصاروهزيمة الدولة العثمانية، ذهبت تلك الوعود ادراج الرياح بل انهم كانوا السبب الرئيسي لاستمرار معاناة شعبنا انذاك ولحد الان بحق الحليف الصغير لبريطانيا الاستعمارية، وان ما فعلته بريطانيا في تشريد شعبنا وتهجيره كان أعمق وأشرس من حرب الإبادة الجماعية التي تعرض لها شعبنا على يد الاتراك من خلال مايلي

ا- زرع الفتن بين شعبنا والشعب الكوردي التواق هو الاخر لتقرير مصيره  

ب- الوعود الكاذبة وخلق العداوات بين ابناء شعبنا من خلال تفتيت وتقسيم شعبنا على اساس مذهبي

ت – تقسيم اوصال مناطق شعبنا خط بروكسل وجعل قرى وبلدات شعبنا تنقسم بين تركيا الحالية والدولة العراقية الجديدة

ج- اقصاء وفود شعبنا في المشاركة في المؤتمرات الدولية بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى

د – استخدام شعبنا في قمع انتفاضة الشعب العراقي ضد الاستعمار البريطاني  ..

4- امريكا

ساعدت امريكا الدولة العثمانية الفاشية بشكل غير مباشر من خلال كبح حقوق الشعب الارمني في تقرير مصيره واقامة دولته، حيث تم تمرير تلك الابادة الجماعية وتهجيرهم واستقبالهم على شكل لاجئين، حيث قامت امريكا بأجلاء وقبول مئات الالاف من الارمن واستيطانهم في امريكا للكف عن مطالب الارمن بحقوقهم وعدم الاعتراف لما تعرضوا له إبادة  جماعية، خوفا ان تصبح ارمينيا دولة اشتراكية تحذو حذو الثورة البلشفية في روسيا وكان لموقف امريكا السلبي هذا من القضية الارمنية، نتج عنه  تقطيع اوصال ارمينيا ومازال الجزء الكبير من الاراضي الارمينية محتلة من قبل دولة تركيا اليوم.

5- العراق

ان تشكيل الدولة العراقية و"استقلاله" بعد 1930 كان هو الآخر اسير للفكر الطوراني والقومي المتطرف التي تكونت  على اساسه الدولة العراقية من رجال العهد البائد للدولة العثمانية، ولهذا فلا غرابة ان تستمر عملية الإبادة الجماعية التي اقترفها الجيش العراقي في 1933 لبلدة سميل وحرق اكثر من 63 قرية للشعب الكلداني السرياني الآشوري راح ضحيتها اكثر من 5000 ضحية من شيوخ ونساء واطفال عزل، والانكى من كل ذلك تم الاحتفال الشعبي والرسمي بقادة الجيش العراقي على فعلتهم الشنيعة بحق العزل ... هذه الابادة الجريمة مازالت لم تهز ضمير الحكومات العراقية برد الاعتبار للضحايا ولم تترجم تلك الابادة الجماعية الى رفضها والحديث عنها من قبل مثقفي الشعب العراقي والاحزاب السياسية العراقية.

اليوم ونحن نحيي الذكرى الثامنة بعد المائة للإبادة الجماعية، علينا كشعب كلداني سرياني آشوري ان نفهم ونعي التحديات الكبيرة التي يواجهها شعبنا، وان نعلم ونتعلم بأنه ليس لنا خلاص في هذا العالم اولا واخيرا الا من خلال توحيد الخطاب القومي والسياسي اولا وثانيا أن نودع البكاء على الاطلال وان نبتعد من الحروب الوهمية فيما بيننا وان نجلس جميعا لنقرأ التاريخ بعقل مفتوح لكي نخطط لمستقبل واعد لابناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري وهذه المهمة ليست مستحيلة.

المجد والخلود لضحايا الإبادة الجماعية والخزي والعار للمجرمين والمنفذين القتلة والصامتين صمت القبور على تلك الجرائم وما لحق بشعبنا من جرائم مستمرة ولحد الان.

24 / نيسان 2023